بعد عمر قضاه في جلائل اعمال أغمض عيناه المرهقتين للمرة الأخيرة رجل يعتبر اسطورة في مجاله ،رجل رفض أن يتقاضى مبلغا يكفي لشراء عدد اثنين (لوري ) حينما كانت اللواري تعد على اصابع اليد.
ولد النقيب م عبيد الله محمد علي يونس بمدينة الخوي بغرب كردفان اربعينات القرن الماضي في أسرة بسيطة الحال نبيلة المحتد، وعمل في بداية حياته في عدة مجالات قبل أن تستهويه شارات الشرطة فالتحق بسلكها ولم يتوانى ولم يركن إلى العمل المكتبي رغم ثقافته البائنة وعمل بمحطة مغمورة تسمى (ام صميمة)سرعته ما ذاع صيتها بسبب ضبطياته من المخدرات التي سارت باخبارها الركبان ،ذاع صيت الرجل وذاع اسم المحطة بصورة أقرب إلى الأساطير حتى أن تجار المخدرات باتوا لا يهابون طوال رحلتهم من الحدود الغربية للبلاد إلى الخرطوم الا محطة ام صميمة وانتشرت القصص عن الرجل حتى قيل انه يستعين بالجن في بحثه عن المخدرات وقد عرف عنه أنه يجد المخدرات مهما كان صاحبها حريصا في تخبئتها.
الاسطورة:
سأله المحرر يوما عن سره في إيجاد مخابئ المخدرات فقال :
انا لا ابحث عن المخدرات ولكني اتفحص عيون وايادي ركاب السيارة فمن رأيت اعينه تزوغ وايديه ترتجف أو تتعرق اعرف ان وراءه سر وفي البحث بين امتعته اجد المخدرات
العزوف عن اخذ الرشاوى:
عرف عن الراحل المقيم رفضه البات أن يأخذ الرشاوى مهما كان الإغراء حتى أنه رفض يوما مبلغ من المال يساوي قيمة اثنين لوري نيسان موديل ذات العام كما عرف عنه شجاعته المطلقة إذ تعرض لاكثر من محاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة الا انه لم يتوقف عن عمله الذي احبه،كما أنه القى القبض يوما على سيارة تحمل (عاج) تتبع لوزير الداخلية في العهد الماضي وكان بها ضابط برتبة مقدم الا انه رفض اطلاق السيارة المحملة بالعاج وثابر حتى اوصل القضية إلى المحكمة العليا وتمت مصادرة العاج
اذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الاجسام:
بعد أن كثرت الضبطيات التي يقوم بها الراحل التفتت وزارة الداخلية إلى أمر إنشاء قسم لمكافحة المخدرات إذ كان الأمر تقوم به الشرطة الجنائية، فقامت الداخلية بإرسال سيارة تويوتا خاصة للراحل وطالبته باختيار قوة خاصة يقوم بقيادتها لسد منافذ تهريب المخدرات وهي القوة التي أصبحت فيما بعد إدارة مكافحة المخدرات ،وكان الأمر نتيجة لارساله خارطة قام برسمها بنفسه توضح منافذ تهريب المخدرات صيفا وشتاءا وحين موسم الأمطار فقضى الراحل معظم الثلاثون عاما من 1980وحتى 2010تقريبا متنقلا في فيافي ووهاد كردفان ودارفور سادا المنافذ امام مهربي المخدرات إلى أن تقاعد إلى المعاش بعد أكثر من خمسين عاما قضاها في جلائل الأعمال عفيف اليد واللسان راكلا كل مباهج الدنيا فما ترك الا الذكرى الخالدة وابناءا واحفاد رباهم على حب الوطن وعفه اليد واللسان فياله من رجل ويا له من شرطي ترفع له القبعات وتنحني له الهامات
طبت حيا وميتا ايها العفيف