مدينة الجنينة ” دار أندوكه ”
والسلام في ” حيص بيص”
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
هدرت مواكب الناس ، وعلت الصيحات ، وكتبت غنائيات مولد فجر ندي ،
وإشراقة عهد جديد ، وعدا بسلام يسري بين الورى ” عدلا ” ، به تنمحي حدود العشائر في ممارستنا السياسية وتسقط شاراتها من حياة مسار أبناء دارفور ،
وتتلاشى فظاظة الحقد القبائلي ، وشبهة مقاصد وأهداف الكتل الرسمية والأهلية .
بيد أن الناس في ” دار أندوكه ” يصبح الصبح ليكتشفوا خديعة المواثيق ، ومراميها الكاذبة .
ومن خلال ما تشهده اليوم ، تكتشف ” دار أندوكه ” ، أن بلايا هول الأمس القديم ، لم يكن إلا نصف حرب .
أي وسطا بين أحلام اليقظة ، وكوابيس العهد القادم .
عهد بشرنا بطول سلامه وجميل أمانه ،
بيد أن الشاهد فيه يجد أوار الحرب المرجأة قد أشتدت في بلاد السلاطين الأماجد ،
لتصبح ” الجنينة ” مدينة من ركام الزلزلة ، حتى الطيور فيها ، تستنكف وضع البيض خوفا على أعشاشها من الحرائق .
نحن أبناء دارفور لقد أمهلنا كثيرا ، حتى نعتبر ونعي الأسباب الباطنة للمشكلة …
لكننا تمادينا في العماء ، بل آثرنا الغواية ، واتبعنا ذات السبل المجربة ، والطرق القديمة ، التي أوردتنا المهالك من قبل .
لا أحد فينا يجيب نذيرا ينذرنا مغبة التمادي ،
أو حكيم يرشدنا سبل المفازة ،
جميعنا في العماء سواء ، تتعدد ألواننا ، ولافتاتنا العرجاء ،
تتباين منصات كلامنا ، ولكن كلنا نرزح في قيد تفكير مركزي واحد ،
لا نرى الصحيح إلا في حدود ذواتنا ، وحسن طيات رابطات أعناقنا وقيافتها .
” نناجز بعضا بكل أظافرنا وخناجرنا
وبقايا من الجاهلية فينا ”
فتحولت كل مواثيق السلام ، قديمها ولاحقها إلى نصوص تتخفى وتتستر وراء كلماتها العشائر والبيوتات والقبائل ، لنهدد البلاد والعباد بالحرائق .
كلنا سواء ” زرقا وعربا ” لم يتغير فينا شيء ،
ولكم تغيرت الأشياء عند الآخرين ،
” القادمون والقاعدون ” لسنا سوى زينة حاشدة ، …
ربما قتلتنا الحقائق – كما قال محمد المكي إبراهيم – وهي تنهال فوق سذاجتنا
ربما كان عبء الحقائق أكبر مما نطيق
ربما كان جيلا كسولا من الناس
هذا الذي لم تعلمه الجاذبية تفاحة ساقطة .
لا ترموا بلاياكم على الآخرين
وإنما نحن أصل البلاء والبلواء على أنفسنا ودارنا …
متى يا رفاقي نطلع من عصور الظلام
ومن زمان المجاعة والرعب .