تشهد حدود السودان وإثيوبيا توتراً عسكرياً منذ نوفمبر الماضي عندما أعاد الجيش نشر قواته في أراضي الفشقة، واسترد مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي ظلت مجموعات إثيوبية تفلحها تحت حماية الميليشيات لأكثر من (25) سنة، وقررت السلطات في مدينة القضارف الخميس الماضي اغلاق المعبر الحدودي الرابط بين السودان وإثيوبيا، وسيلقي القرار تأثيرات كبيرة على الحركة التجارية، كما تتعاظم المخاوف من عدم تمكن أكثر من خمسة آلاف عامل إثيوبي من دخول الأراضي السودانية يومياً للعمل في الحصاد والعديد من الأشغال الحرفية والمهنية، وجاء قرار الإغلاق على خلفية اعتداء عناصر إثيوبية بالضرب على عناصر من الأجهزة الأمنية، تم على إثره نقل المصابين لتلقي العلاج في مدينة القلابات، وطالبت السلطات اثيوبيا بتقديم اعتذار رسمي عن حادثة الاعتداء على العناصر الأمنية .
وقررت السلطات في مدينة القلابات بولاية القضارف الخميس الماضي اغلاق المعبر الحدودي الرابط بين السودان وإثيوبيا احتجاجاً على هجوم مسلح طال قوات نظامية. ويرتبط معبر القلابات الحدودي بمدينة المتمة الاثيوبية الواقعة في إقليم الأمهرا. وجاء قرار السلطات في أعقاب اعتداء مليشيات اثيوبية مسلحة على مجموعة من النظاميين السودانيين مما أدى إلى إصابتهم بجراح متفاوتة. وقالت مصادر مأذونة لموقع (سودان تربيون) إن اغلاق المعبر الحدودي اتخذ تحسباً لاندلاع مواجهات عنيفة بين الطرفين في ظل التوترات الحدودية وحالة التأهب القصوى وسط الأجهزة الأمنية السودانية احتجاجاً على الاعتداء الذي طال النظاميين. وأشارت الى أن اجتماعاً طارئاً التأم يوم السبت الماضي بين لجان أمنية سودانية واثيوبية لبحث الأوضاع. ومثل فيه الجانب السوداني العقيد شرطة خالد إسماعيل رئيس لجنة امن القلابات بحضور عدد من الأجهزة الرسمية والأمنية، بينما مثل الجانب الاثيوبي في الاجتماع قيطو المو مدير الأمن الإداري بالمتمة الاثيوبية وبحضور مديري الجمارك والجوازات. وأظهر المسؤولون الإثيوبيون اعتراضاً على قرار الجانب السوداني بإغلاق المعبر، حاثين على ضرورة حل الخلافات والقضايا الأمنية عبر التفاوض، وان اغلاق الحدود ليس حلاً في ظل التبادل التجاري والمصالح المشتركة بين الدولتين. لكن الجانب السوداني تمسك بضرورة تقديم الاثيوبيين اعتذاراً رسمياً والقبض على الجناة والمعتدين وتقديمهم لمحاكمة عاجلة، واعتبر أن الاعتداء مخطط له واستهدف النظاميين السودانيين في الحدود، لخلق توترات في ظل وجود الشرطة الاثيوبية والجانب الإداري للمتمة.
ويرى المحلل السياسي مصعب عثمان، أن قرار اغلاق المعبر بين السودان واثيوبيا سوف يؤثر تأثيراً كبيراً على حركة التبادل التجاري بين البلدين، خاصة على السكان الاثيوبيين في المناطق المتاخمة للحدود السودانية. وفي ذات الاثناء جزم مصعب في حديثه لــ (الإنتباهة) بأن اغلاق المعابر لا يكمن في الحركة التجارية فقط بين البلدين، وانما لديه ابعاد اخرى ــ حد قوله ــ وقال ربما ارادت الحكومة ارسال رسائل سياسية في بريد الحكومة الاثيوبية، واضاف قائلاً: (هذا يأتي في إطار الضغط على اثيوبيا بخصوص التوترات الحدودية التي نشبت أخيراً بين البلدين)، واكد مصعب أن قضية سد النهضة لا تنفصل عن قضية الحدود، وقال: (ربما اتى هذا الاغلاق في اطار الضغط لحل القضايا العالقة بين البلدين .(
ومن جانبه يؤكد الخبير الأمني طارق محمد عمر أن اغلاق المعابر التي حدثت فيها توترات مع اثيوبيا مهم جداً من ناحية أمنية، ونبه إلى أن تلك المعابر تتسلل عبرها مليشيات (الشفتة) الاثيوبية التي تهاجم القرى السودانية وتقتل وتسرق وتخطف وتروع المواطنين، واكد في حديثه لــ (الانتباهة) ان اغلاق المعبر سوف يؤثر كثيراً في حركة التجارة بين المناطق المتاخمة، وقال ان الاثيوبيين في المنطقة المتاخمة سوف يتضررون كثيراً، وسوف تحدث لهم مشكلة انسانية، لجهة أنهم يعتمدون في غذائهم وعملهم على المناطق المتاخمة داخل الاراضي السودانية، وهذا الاغلاق سوف يمنعهم من الدخول في تلك المناطق .
وتوقع طارق ألا يستمر هذا الاغلاق للمعابر كثيراً، وقال: (ان اغلاق المعبر لن يكون نهائياً، واتوقع الا يستمر أكثر من اسبوعين)، واشار الى ان الاثيوبيين في تلك المناطق كل احتياجاتهم الانسانية مرتبطة بالسودان، وقال ان الاغلاق سوف يكون مشكلة ويؤثر في الطرفين، واكد طارق أن الطرفين سوف يجلسان في مفاوضات قريباً ويجريان ترتيبات جديدة بين البلدين لفتح المعابر، وجزم بعدم وجود اي ربط مباشر بين اغلاق المعابر وقضية سد النهضة .
الانتباهة