Site icon شوتايم نيوز

إفراغ العاصمة من الوجود المسلح.. الخرطوم تتنفس الـصـعــداء

الخرطوم

في العام 1980م أنهت القوات المسلحة في عهد الرئيس جعفر نميري عملية الدمج لآخر كتيبة تم دمجها في القوات المسلحة التي أطلق عليها كتيبة الجاموس التابعة لحركة التمرد في جنوب السودان المعروفة باسم انانيا والتي أبرمت معها الحكومة اتفاقية السلام في مدينة أديس أبابا العاصمة الأثيوبية في العام 1972 أي أن عملية الدمج استغرقت زهاء ثماني سنوات طبخت على نار هادئة ، ولم يدخل أي من أفراد هذه الكتائب المسلحة الخرطوم .
وهو أمر جنب العاصمة ومدن الولايات الأخرى حدوث أي من التفلتات الأمنية ، وحرصت القوات المسلحة آنذاك بمحو أمية الجنود المدمجين عبر مدرسة التوجيه المعنوي بالاضافة إلى تعميق المفاهيم العسكرية المتمثلة في الدفاع عن الوطن وترابه والضبط العسكري والانفعالي .
أما في العهد البائد برئاسة الرئيس المخلوع البشير حينما أبرمت الحكومة اتفاق نيفاشا ظلت قوات الحركة الشعبية بزعامة جون قرنق تتواجد في مناطقها بجنوب السودان حتى قيام الاستفتاء حول تقرير المصير المتعلق بالوحدة أو الانفصال والذي حسمه أهل الجنوب بإجماع كبير لصالح الانفصال عن الوطن الأم وإنشاء دولتهم المستقلة .

اتفاقية جوبا
في الثالث من اكتوبر من العام الماضي، تم التوقيع النهائي لاتفاقية السلام بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة المنضوية في تحالف الجبهة الثورية ، ونص الاتفاق على 8 بروتوكولات، تتعلق بالعدالة الانتقالية والتعويضات، وملكية الأرض، وتطوير قطاع المراعي والرعي، وتقاسم الثروة والسلطة، وعودة اللاجئين والنازحين، كما نصت على دمج مقاتلي الحركات المسلحة في الجيش السوداني على 3 مراحل، تنتهي بانقضاء أجل الفترة الانتقالية.
معضلة الترتيبات الأمنية
يرى كثير من المراقبين أن إتمام عملية الترتيبات الأمنية الهادفة لدمج قوات الجبهة الثورية في صفوف القوات المسلحة والقوات الأمنية الأخرى تواجهها العديد من المصاعب والتحديات ، باعتبار أن نظام الترقي ومنح الرتب العسكرية لضباط وضباط الصف والجنود في القوات النظامية الرسمية يختلف عن قوات المليشيات الأهلية إذ أن القوات النظامية تهتم بنهج التدريب والتأهيل العسكري وفق مدة زمنية محددة كشرط لازم للترقي في السلم العسكري وما يعرف بـ (السلسلة العسكرية) وهو أمر غير معمول به بالقدر المطلوب في منظومة الحركات المسلحة ، الأمر الذي سيخلق إشكالية كبرى في التسكين الوظيفي عند اتمام عملية الدمج مع تلك الحركات المسلحة داخل القوات النظامية المختلفة .
الإشكالية الأخرى هو أنه لم تتم عملية حصر وإحصاء دقيق لقوات الحركات المسلحة الموقعة على السلام وهو ما شجع بعضها لإجراء عمليات تجنيد واسعة لزيادة أعدادها عندما تتم عمليات الدمج إما بغرض الاستفادة من ريع المبالغ الدولارية التي خصصت في الاتفاقية بعد الدمج أو بغرض تسكين أكبر عدد من قواتهم لتحقيق توازنات استراتيجية عند الضرورة .أو لاعتبارات تتعلق بالتكسب المادي من قبل بعض القادة داخل تلك الحركات بواسطة بيع العديد من الرتب بمبالغ مادية تزيد وفق الوصف الوظيفي العسكري ، مما يشكل وضعاً خطيراً وإفرازات سالبة تتمثل في إمكانية تجنيد العديد من المجرمين أو بعض العناصر المعادية لثورة ديسمبر أو الكيانات المتطرفة ، فضلاً على أن زيادة تلك الأعداد يعيق عملية الترتيبات الأمنية ويزيد من كلفتها المادية .
تفلتات أمنية
وكان عدد من الحركات المسلحة قد دخلت إلى الخرطوم بسلاحها وسياراتها ذات الدفع الرباعي حيث كانت قوات حركة تحرير السودان جناح (مناوي) أول الحركات وصولاً وأثار قدومها موجة من المخاوف والانتقادات عبر الصحف ووسائط التواصل الاجتماعي مخافة حدوث أي تفلتات من قبل بعض أفرادها ، ولم تخل الحركة موقعها إلا بعد أن اعترضت اللجنة الأولمبية السودانية وهددت بإخطار اللجنة الاولمبية الدولية مما كان سيعرض السودان لخطر التجميد الرياضي في كافة المناشط الرياضية وأهمها كرة القدم ، مما دعا السلطات للتدخل بترحيل هذه القوات إلى معسكر السليت .
وكان من ضمن هذه الحركات حركة ( تمازج) والتي كانت مسرحاً لعملية إطلاق نار في وقت سابق بمنطقة بري بالخرطوم في الثامن عشر من مارس الحالي، حيث اشتبكت مجموعتان من حركة الجبهة الثالثة (تمازج) داخل العاصمة السودانية الخرطوم، مساء الثلاثاء قبل الماضية، مما أدى إلى إصابة عنصرين، أحدهما تابع لقوات الشرطة.
وقال مدير شرطة ولاية الخرطوم، السابق الفريق عيسى آدم إسماعيل، في تصريح لقناة الجزيرة القطرية: «إن الاشتباك المسلح نتج عن خلاف بين مجموعتين من الجبهة الثالثة».
وأشار إلى أن إحدى المجموعتين مُوقعة على اتفاق السلام، والأخرى منشقة وغير موقعة على الاتفاق وتقوم باستيعاب مجندين باسم الجبهة.
وأعلن إسماعيل عن إلقاء القبض على 19 فردا من المجموعتين، بينهم ثلاث نساء، قيّدت بحقهم إجراءات قانونية.
قرار الخروج
وعلى إثر تلك التداعيات وغيرها عقدت اللجنة الفنية لمجلس الأمن والدفاع اجتماعاً بمكتب النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول، محمد حمدان دقلو، أمس الأول (الثلاثاء)، واستعرضت مظاهر وأشكال الانفلات الأمني السائد في العاصمة والولايات، وقال بيان أصدرته اللجنة الفنية برئاسة الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين الحسن رئيس هيئة الأركان، إن اللجنة بحثت وتقصت عن أسباب الخلل الأمني، واستعرضت الموقف الجنائي للجرائم التي حدثت، وأضاف البيان؛ إن اللجنة وبعد التداول العميق أصدرت قرارات تمثلت في الإسراع في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية المتعلقة باتفاق جوبا للسلام وتنفيذها كما وردت بنصوص الاتفاق، ووجهت لجان الأمن بالولايات بحسم التفلتات الخارجة عن القانون؛ وذلك بالتنسيق بين جميع الأجهزة للتصدي بحسم وفقاً للقانون، كما قررت اللجنة، بحسب (البيان) إفراغ العاصمة والمدن الرئيسة من مظاهر الوجود المسلح، وإيقاف التجنيد والاستيعاب السياسي الذي تقوم به حركات الكفاح المسلح بمدن السودان المختلفة إلى حين اكتمال تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، وقالت اللجنة، إن العمل على استتباب الأمن واجب جميع الأجهزة الأمنية المختصة، وشددت: “يجب أن تعمل على ذلك”، ويقول المراقبون إنه يبدو أن السلطات الرسمية قد أجرت تفاهمات مع الحركات المسلحة المتواجدة بالخرطوم وأقنعتها بضرورة خروج قواتها خارج العاصمة في احد المعسكرات التي سيتم تهيئتها لذلك الغرض إلى حين إتمام عملية الترتيبات الأمنية ومن المنتظر إبقاء القيادات العليا للحركة داخل الخرطوم لهذه المهمة مع السماح بتواجد عدد ستة وستين فرداً داخل الخرطوم وفق نص اتفاقية السلام بغرض الحراسة الشخصية لرموز الحركة وتأمينها .
الخرطوم تتنفس الصعداء
أثار قرار مجلس الأمن والدفاع بإخلاء العاصمة الخرطوم من كافة الحركات المسلحة ارتياحاً كبيراً في الشارع العام وبعض وسائل التواصل الاجتماعي مبدين ترحيبهم بالقرار الذي يراه الكثيرون أنه تأخر بيد أن تنفيذه من شأنه أن يجعل العاصمة تتنفس الصعداء بالنظر إلى المخاطر المحتملة لوجود تلك الحركات المسلحة بالخرطوم وهي مدججة بالسلاح والعتاد .
ويأمل المراقبون أن يتفهم قادة الحركات المسلحة وقادتها هذا القرار الذي أملته الضرورات الأمنية بعيداً عن أي تأويلات جانحة تتعلق بالجهوية أو السياسية .
وأهابت اللجنة من جميع الأطراف التعاون في سبيل الحفاظ على الأمن والاستقرار ومنع وقوع الجرائم، ودعت الجميع لتفهم الإجراءات “في سبيل وطن آمن ومستقر”.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، اقتحمت قوات عسكرية تابعة لحركة «جيش تحرير السودان جناح مناوي» مقر اللجنة الأولمبية السودانية في الخرطوم، وحولتها إلى ثكنة عسكرية.
وفي 14 مارس، أخلت الحركة مقر اللجنة الأولمبية إثر قرار مجلس السيادة الانتقالي ترحيل قوات الحركة إلى معسكر السليت شمالي العاصمة الخرطوم.
خلاف بين مجموعتين من الجبهة الثالثة
وأشار إلى أن إحدى المجموعتين مُوقعة على اتفاق السلام، والأخرى منشقة وغير موقعة على الاتفاق وتقوم باستيعاب مجندين باسم الجبهة.
وأعلن إسماعيل عن إلقاء القبض على 19 فردا من المجموعتين، بينهم ثلاث نساء، قيّدت بحقهم إجراءات قانونية.
والاشتباك وقع في حي بُري القريب جدًا من مطار الخرطوم الدولي.
وقال موقع )مونتي كارلو(، إن الاشتباك أدى إلى إصابة شرطي وآخر من المجموعة المسلحة.
وأشار الموقع إلى أن عناصر المجموعة المسلحة رفضت الانصياع لقوات الشرطة، مما أدى إلى وقوع الاشتباك، قبل أن تتم السيطرة على الموقع.

الانتباهة

Exit mobile version