ساحة الحرية ترسف في اغلال الظلام من جديد
قبل أكثر من ثمانية أشهر دلفت وعائلتي الصغيرة إلى ساحة الحرية بالصدفة ،فقد لفت انتباهي أن هنالك إقبالا كثيفا عليها ،وفي الداخل رأيت العجب …..سيارة دورية تربض بالمدخل والإضاءة الباهرة تحيل ليل المكان إلى نهار ومستوى النظافة في غاية الامتياز ،تركت عائلتي وأخذت في الهرولة على المضمار ولكني اضطررت للتوقف عند المسرح الرئيس وقد تزين بصور الشهداء عليهم رحمة الله والاضواء الباهرة توضح كل شهيد من بعيد ،ومنذ ذلك الحين ادمنت قضاء الامسيات هناك خاصة وإنني لم الحظ اي نوع من الانفلات الأمني أو الأخلاقي، حتى أن لصا حاول سرقة سيارة في احد الأيام فتمت مطاردته والقبض عليه في لمح البصر ،كل ذلك مع خدمات رائعة وانضباط عال كيف لا وانت ترى دورية شرطة بقيادة ضابط وهي تجوب المكان وأفرادا من شرطة المباحث يتجولون بين الأسر المنتشرة في أمن متكامل .
ولكن لاننا في السودان لا نحافظ على مكتسباتنا فقد غبت لمشاعل شخصية فإذا بالاخبار السيئة تلاحقني ،فقد تم طعن مهندس بجوار الساحة وتمت حالتي طعن داخلها ،كما أن حوادث سرقة الهواتف باتت متكررة، ولكن الادهى والأمر انحسار الإضاءة من الكثير من جوانب الساحة بل حتى المسرح الرئيسي بات مظلما وبالتالي اختفت صور الشهداء التي كانت زينة المكان وكانت تعطي الساحة اسمها الحقيقي ….ساحة الحرية ،والسؤال هنا ماذا حدث في هذا المتنفس الذي تلجأ له الأسر زرافات ووحدانا ولماذا هذا التدهور في زمن وجيز وبصورة مرعبة ومخيفة؟
ثم ماذا بعد؟
إن الصعود إلى القمة غاية في اليسر ولكن البقاء بها هو التحدي الأكبر، وساحة الحرية تعتبر الرئة الرئيسية لولاية الخرطوم أو بالأحرى محلية الخرطوم ،ونحن لنا الحق في ارتيادها متى شئنا فهي ملك لكل مواطن لذا من حقنا أن نتساءل عن المسؤول عن هذا المدني المريع فيها ولماذا ،هي أسئلة اوجهها اولا إلى الأمانة العامة لمجلس السيادة ومن ثم إلى مكتب والي الخرطوم ،كونها تتبع لهاتين الجهتين وهي جهات لها من الامكانيات البشرية والمادية ما تدير بها البلاد كلها فلم التقصير في ساحة الحرية؟