بكائية الزميل الاستاذ محمد حامد جمعة على رفيقة دربه الراحلة ،رحمها الله رحمة واسعة واسكنها فسيح جناته مع النبيين والشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
#مغروس_الحديد
بمنتصف هذا اليوم من أسبوع فات _الاحد _ بعد الدفن وقد إنصرف الناس وذهبت أصوات نعالهم عن (أحمد شرفي) بقيت أنا وشقيقي (أيمن) الذي إنتصب وقد وضع يديه للخلف . يرسل أعينه لإمتدادات الشواهد . فيما أنا مغبر القدمين . أدور أرفع يداي بالفاتحة .أقرأها مرة ولا أكملها مرة . جلست لبرهة كنت مثل محارب روماني . يخلع خوذته المبعجة . ينزع الحذاء المشدود الأربطة .المدمى معجف الأطراف . يستل عن مقدمه وقفاه ترس واقي . ينزل عن وجهه قناع حديد . لاهث الأنفاس يتحسس طعنات وشمت الذراع والظهر . يستل بعض مغروس الحديد بالصدغ . إنتبهت -وهذه حقيقة- الى سنين بالاسفل من فمي قد سقطا ! لاهث الأنفاس جلست ممزع الدواخل . يتملكني شعور بالهزيمة المريرة . الأليمة ! فما وسعني سوى البكاء . وشد اوتار النواح . لم اكن إطلاقا أضاد (الموت) او في تلك اللحظة أصادم قدري ؛ تلك مرحلة تهيأت لها منذ وقت باكر . تقبلتها بيقين الصابرين . ٱمنت بها ضمن بناء إيماني لست فيه ممن يجفلون او يجزعون . لكن كان لهاثي وألمي لوجع مرارات الدنيا وسهام صدئة و كانت على الدوام تجعل معركتي (دبل) اولى وأساسية مع إسناد مريض وثانية فرعية مع نفسي وضدها وحولها مطلوب مني فيها ان يكون قناعي الحديدي لا يشف عن الحزع او الضعف . مرسوم بإبتسامة وضحكة . وان تكون قدرة جلدي وإحتمالي موزعة بين الثبات والإثبات أنني بخير وقوي وصلب شديد ! كان ذاك كأنما في ظني يهزم كسريان إشعاع علاجي السرطان عند الفقيدة لكنه بالمقابل كان يغري بعض اهل الشر بكل القسوة ضدي . فقد اكتشفت ان هذه الديار كلما كنت ذليلا تركوك ! وكلما رفعت رأسك جسارة علوك بالإفتراءات والريب ليذلوك
2
لثلاثة أعوام او تزيد كان واجبي وحتم قدري أن أظل أحسن ما أكون . طلاقة وبشاشة . أن ينخر الالم مشاش العظم ثم علي ان اغمس قلمي ليكون المداد أخضرا زاهيا . يقص حكايات الأزقة وذكريات الشخوص والمدائن . يكتب للناس عن توقعاتهم الحسنة . وحتى الرديئة إن أضطررت علي الإشارة فيها لمنافذ النجاة . كان علي رسم سياج من زهور ورياحين. ورفع راية نصر إفتراضي في موسم المحل. أشد خيلي نحو الشمس وانا مدرك ان فرسي سرجه مقلوب . صاحبه مغلوب لكني أعدله حين أقرب الديار . اهبط كفارس محفوف بالبشارات أقبل وقت العتمة . أخرج بين فواصل اول ضوء لكي لا يراني عزيز او عزيزة . مضروب العراقيب مقطوعها . وسيري واقع الامر زحف ! يتجاسر على عسر ورهق لكى لا يراني من يرمقني خلف النافذ علامة للأنهيار . فيتقوى بي من باب مد العزيمة للعزيمة.
3
كنت ابكي عند القبر لدرجة ان دمعي قد جف فاستعضت عنه بصوت كالكرير . احسست اني للمرة الأولى أحتاج ان لإزالة ذاك القناع . فلم يعد في وسع التحايل منفذ ؛ وقع المقدور وكتب السطر الأخير في فصل شجاعة وبسالة مدعاة مني لم تعد تجدي . وجدت نفسي بحاجة لذرف دمع سنوات . وبذل مكتوم ضعف دسسته لكي لا افاقم عذابات المراحل . غير اني في تلك اللحظة وعند قبر (فائزة) أحتجت لإعتراف عله يتسلل بين مسامات الثرى يقول (أعذريني ..صدق مني العزم لكن الدهر أبى) . إجتهدت ما أستطعت وفوق ما أستطعت . قاتلت واقتلت سعيت وإدعيت وتصنعت . كله لأجل الأفضل . كنت أكذب ببقصد الصدق وأصدق بيقين الصدق وأصادق الأمل فوق بحور الفشل المالحة .اقول كل مرة عل الله ينجز معجزة لكن مشيئته قضت
4
إني لا ابكي الموت . انا أبكي الحياة . الموت لا يخيف بالواقع . ما يجب ان تخاف منه بكاءك على نفسك وانت حي ترزق
محمد حامد جمعة