Site icon شوتايم نيوز

الموت لا يخيف بالواقع . ما يجب ان تخاف منه بكاءك على نفسك وانت حي ترزق

operanews1654409017758

 

 

 

بكائية الزميل الاستاذ محمد حامد جمعة على رفيقة دربه الراحلة ،رحمها الله رحمة واسعة واسكنها فسيح جناته مع النبيين والشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

 

#مغروس_الحديد
بمنتصف هذا اليوم من أسبوع فات _الاحد _ بعد الدفن وقد إنصرف الناس وذهبت أصوات نعالهم عن (أحمد شرفي) بقيت أنا وشقيقي (أيمن) الذي إنتصب وقد وضع يديه للخلف . يرسل أعينه لإمتدادات الشواهد . فيما أنا مغبر القدمين . أدور أرفع يداي بالفاتحة .أقرأها مرة ولا أكملها مرة . جلست لبرهة كنت مثل محارب روماني . يخلع خوذته المبعجة . ينزع الحذاء المشدود الأربطة .المدمى معجف الأطراف . يستل عن مقدمه وقفاه ترس واقي . ينزل عن وجهه قناع حديد . لاهث الأنفاس يتحسس طعنات وشمت الذراع والظهر . يستل بعض مغروس الحديد بالصدغ . إنتبهت -وهذه حقيقة- الى سنين بالاسفل من فمي قد سقطا ! لاهث الأنفاس جلست ممزع الدواخل . يتملكني شعور بالهزيمة المريرة . الأليمة ! فما وسعني سوى البكاء . وشد اوتار النواح . لم اكن إطلاقا أضاد (الموت) او في تلك اللحظة أصادم قدري ؛ تلك مرحلة تهيأت لها منذ وقت باكر . تقبلتها بيقين الصابرين . ٱمنت بها ضمن بناء إيماني لست فيه ممن يجفلون او يجزعون . لكن كان لهاثي وألمي لوجع مرارات الدنيا وسهام صدئة و كانت على الدوام تجعل معركتي (دبل) اولى وأساسية مع إسناد مريض وثانية فرعية مع نفسي وضدها وحولها مطلوب مني فيها ان يكون قناعي الحديدي لا يشف عن الحزع او الضعف . مرسوم بإبتسامة وضحكة . وان تكون قدرة جلدي وإحتمالي موزعة بين الثبات والإثبات أنني بخير وقوي وصلب شديد ! كان ذاك كأنما في ظني يهزم كسريان إشعاع علاجي السرطان عند الفقيدة لكنه بالمقابل كان يغري بعض اهل الشر بكل القسوة ضدي . فقد اكتشفت ان هذه الديار كلما كنت ذليلا تركوك ! وكلما رفعت رأسك جسارة علوك بالإفتراءات والريب ليذلوك
2
لثلاثة أعوام او تزيد كان واجبي وحتم قدري أن أظل أحسن ما أكون . طلاقة وبشاشة . أن ينخر الالم مشاش العظم ثم علي ان اغمس قلمي ليكون المداد أخضرا زاهيا . يقص حكايات الأزقة وذكريات الشخوص والمدائن . يكتب للناس عن توقعاتهم الحسنة . وحتى الرديئة إن أضطررت علي الإشارة فيها لمنافذ النجاة . كان علي رسم سياج من زهور ورياحين. ورفع راية نصر إفتراضي في موسم المحل. أشد خيلي نحو الشمس وانا مدرك ان فرسي سرجه مقلوب . صاحبه مغلوب لكني أعدله حين أقرب الديار . اهبط كفارس محفوف بالبشارات أقبل وقت العتمة . أخرج بين فواصل اول ضوء لكي لا يراني عزيز او عزيزة . مضروب العراقيب مقطوعها . وسيري واقع الامر زحف ! يتجاسر على عسر ورهق لكى لا يراني من يرمقني خلف النافذ علامة للأنهيار . فيتقوى بي من باب مد العزيمة للعزيمة.
3
كنت ابكي عند القبر لدرجة ان دمعي قد جف فاستعضت عنه بصوت كالكرير . احسست اني للمرة الأولى أحتاج ان لإزالة ذاك القناع . فلم يعد في وسع التحايل منفذ ؛ وقع المقدور وكتب السطر الأخير في فصل شجاعة وبسالة مدعاة مني لم تعد تجدي . وجدت نفسي بحاجة لذرف دمع سنوات . وبذل مكتوم ضعف دسسته لكي لا افاقم عذابات المراحل . غير اني في تلك اللحظة وعند قبر (فائزة) أحتجت لإعتراف عله يتسلل بين مسامات الثرى يقول (أعذريني ..صدق مني العزم لكن الدهر أبى) . إجتهدت ما أستطعت وفوق ما أستطعت . قاتلت واقتلت سعيت وإدعيت وتصنعت . كله لأجل الأفضل . كنت أكذب ببقصد الصدق وأصدق بيقين الصدق وأصادق الأمل فوق بحور الفشل المالحة .اقول كل مرة عل الله ينجز معجزة لكن مشيئته قضت
4
إني لا ابكي الموت . انا أبكي الحياة . الموت لا يخيف بالواقع . ما يجب ان تخاف منه بكاءك على نفسك وانت حي ترزق

محمد حامد جمعة

Exit mobile version