هو سؤال يدور في كل العقول وقد يكون له أكثر من إجابة والذي يجعل منه كل ذلك أن الفعل قامت به دولة مشهود لها بالصلف والظلم وان المجني عليها شخصية تنتمي إلى أكثر من جهة ذات اعتبار ،أذ أن الزميلة شيرين هي صحافية أو مراسلة اعلامية في أكثر بؤر العالم التهابا وتنتمي إلى فلسطين الدولة الوحيدة المحتلة في العالم الآن وتسكن بأكثر مناطقها مناهضة للاحتلال ،وشيرين أنثى في وظيفة أكثر موظفيها رجال وهي مسيحية في أرض يحتلها يهود وأكثر أهلها المضطهدون هم من المسلمين،كل هذه المعطيات تجعل من الشهيدة شيرين بؤرة ضوء لا تخطئها عين .
في المقابل نجد أن دولة الاحتلال الإسرائيلي قد وصلت إلى تفاهمات وقامت بالتطبيع مع أكثر من دولة عربية واسلامية عوضا عن تغلغلها في أفريقيا، كما لا ننسى أن إسرائيل هي ربيبة الولايات المتحدة المدللة في المنطقة ما جعل رضاها هو رضا الولايات المتحدة إذن فاسرائيل تعتبر الآن في أفضل حالاتها وأقوى اوضاعها ولكن في الأيام الماضية حدثت لها بعض الهزات جراء اوضاعها الأمنية الداخلية بالإضافة إلى تكثيف الإعلام تقاريره التي تفضح ممارساتها القمعية تجاه شعب فلسطين ما يجعل عدو إسرائيل الوحيد الآن هو الإعلام وبالطبع لا ننسى أن الإعلام هنا نعني به دون مواربة قناة الجزيرة والتي ما أن يذكر اسمها الا ويذكر اسم شيرين ،والمعادلة هنا تصبح أوضح من شعاع الشمس ،لابد من قربان عل قدر المناسبة.
إذن فإن من يدعي أن شيرين لم تكن مستهدفة فهو واهم ومن يقول ان من أصدر الأوامر بقتلها فرد أو حتى قائد المخابرات الإسرائيلية فهو أكثر وهما ،إن اغتيال شيرين ابو عاقلة هو عملية ضخمة تم التخطيط لها على أعلى مستوى في الدولة العبرية وتم أخذ الإذن ربما حتى من مخابرات الولايات المتحدة ،لذا فقد تم التنفيذ بصورة دقيقة وسط زخات من الرصاص لتغطية القناص المحترف الذي اسكن رصاصته الآثمة في رأس إمرأة عاشت للقضية الفلسطينية وذهبت روحها للنضال حتى نسيت نفسها ونسي الناس هل هي متزوجة ام عزباء وهل هي مسلمة ام مسيحية بل هل هي فلسطينية ام امريكية .
ثم ماذا بعد هذا؟
إن التخطيط الدقيق لاغتيال شيرين أبو عاقلة ليس وليد اليوم ولا قبل عام ،بل هو ما يسمى عادة بالخطة (ب) أو الخطة البديلة والتي تحاك وتدرس من كافة الجوانب وتنفذ في دقة واناة وذلك من أجل التعمية على حدث أكبر أو لاحداث ضخمة تنسي الناس أمرا يحاك بليل أو حتى لإنقاذ خطة كادت أن تكشف أو تذهب ادراج الرياح ،وإلا فلماذا شيرين !
إلا أن من خطط ونفذ لم يكن ليظن أن هدفه متشابك الانتماءات والذي ظن أنه باستهدافه سينشغل الناس وينسون القضية، ينشغلون بدينها وجنسيتها وانتماءاتها ولربما اختلفوا حول من الأولى بها حتى يحملها إلى مثواها الأخير فإذا بالصدمة تحدث أثرا عكسيا فتكون هذه الفتاة الرقيقة ذات الوجه الحزين أيقونة لتوحيد المسلمين والمسيحين والعرب والاوروبيين والفلسطينيين وجوارهم وكل ذلك لأول مرة في التاريخ لذا فقد ظن اليهود أنهم سيغتالون رمزا مختلفا عليه حتى تنشأ فتنة فإذا بهم يوقظون ماردا ما ظن احد أنه سيقوم من حديد،سلام عليك يا شيرين في الخالدين