Site icon شوتايم نيوز

المبعوث الصيني بالخرطوم هل تحاول (بكين) استعادة نفوذها بالسودان؟

الخرطوم

منذ امد طويل ظلت الصين تحتل موقعاً كبيراً في السودان خاصة في عهد الانقاذ، وشهد التحالف بين الخرطوم وبكين اشكالاً عديدة من التعاون، والشيء الذي اسهم في تطور العلاقات بعد النظام البائد عن التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية العقوبات التي كانت مفروضة على السودان وقتها، ووجوده ضمن قائمة الدول الراعية للارهاب، ولكن مع تغيير الاوضاع عقب ثورة ديسمبر وعودة العلاقات مع واشنطن، فإنه من الطبيعي ان تعيد بكين حساباتها لجهة انها ربما تفقد مصدر النفط ومقر الاستثمارات الكبيرة.

(1)

وهذا الامر تترجمه زيارة المبعوث الصيني الخاص إلى الشرق الأوسط السفير تشاي جيون الذي وصل الى البلاد امس، وبحسب ما نقلته وسائل اعلام محلية فإنه سيجري لقاءات مكثفة مع كل من رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ووكيل وزارة الخارجية السفير نادر الطيب ومدير عام الإدارة العربية والآسيوية السفير عادل شرفي، كما سيناقش عدة موضوعات تتعلق بالعلاقات بين الخرطوم وبكين وموقف السودان من الغزو الروسي لأوكرانيا، وتتخوّف بكين من أن تؤدي الأزمة إلى بروز فريقين، فيما يناقش المبعوث الصيني أيضاً ملف الاستثمارات الصينية في السودان، فضلاً عن موقف السودان عبر الاتحاد الإفريقي من إصلاح مجلس الأمن الدولي، ويتوقّع أن يطرح المسؤولون السودانيون ملف الديون مع بكين.

(2)

وشهدت بداية الفترة الانتقالية تحسناً في العلاقات السودانية الأميركية عبر خطوات تمت من الجانبين، واستمرت الاتصالات بين الإدارة الأميركية والسودانية، وأكد أندرو يونغ نائب قائد القيادة العسكرية الأميركية بإفريقيا (أفريكوم) أن بلاده ترغب في تقوية علاقتها مع الخرطوم وتعزيز التعاون العسكري.

ووفقاً لتوقعات الخبير السياسي ابو بكر مصطفى فإن الصين عبر هذه الزيارة تحاول ان تستعيد مكانتها وتتعايش مع التغييرات الجديدة، مشيراً الى ان الولايات المتحدة الأمريكية اصبحت تعمق جذورها في افريقيا عسكرياً وتتعامل مع الدول الافريقية بسياسة الاستغلال لفرض مزيد من النفوذ، عكس الصين التي تسعى للتنمية عبر الاستثمارات، سيما انها تملك اقتصاداً قوياً وتبعد نفسها عن الشوؤن الداخلية للبلاد التي تعمل بها، وقال مصطفى في حديثه لـ (الإنتباهة) ان المطلوب حالياً من حكومة الفترة الانتقالية التحلي بالحكمة في ملف العلاقات الخارجية وعدم التسرع في اتخاذ قرارات تكون نتائجها سلبية، لافتاً الى ان بكين لم تتوان في تقديم مساعدات للدول الإفريقية، منها إعفاء من الديون وتقديم القروض لها.

(3)

وكانت الصين بتوطيد علاقاتها مع نظام الإنقاذ وتركيزها على النفط، أصبحت في عام 2003م ثاني مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة، ونمت استثماراتها من النفط السوداني، كما كانت الشركات الصينية ــ حسب وزارة النفط السودانية ــ تملك نحو 40% من منشآت النفط بالسودان الموحد قبل الانفصال، وكان الأخير يصدِّر نحو 60% من الناتج اليومي من النفط إلى الدولة الآسيوية، وتوسعت استثماراتها في مجالات أخرى، مثل شركات البناء والتشييد والقطاعات الحرفية حتى وصلت العمالة الصينية في تسعينيات القرن الماضي إلى أن مثَّلت نحو 65% من جملة العمالة الآسيوية.

(4)

وفي ما يتعلق بالحرب الروسية على اوكرنيا لم تتخذ الصين موقفاً واضحاً اذ لم تدن الهجوم، الامر الذي اعتبره الخبير السياسي د. راشد المبارك محاولات من الصين لحماية مصالحها، واستبعد في ذات الوقت حدوث صراع صيني ــ امريكي ــ روسي على السودان في الوقت الحالي، واكد المبارك في حديثه لـ (الإنتباهة) ان ملفات المبعوث التي سوف يبحثها مع المسؤولين اليوم لن تتعدى النقاش حول الاستثمارات الصينية بالخرطوم والديون، واشار الى ان الصين تتخذ سياسة الاستمرار والقوة، ولديها تعاون كبير مع الدول العربية والافريقية مما يفسح لها المجال اكثر من غيرها.

(5)
الانتباهة
وتشير العديد من الدراسات الأكاديمية العالمية، إلى أن النهوض والتطور في الاقتصاد الصيني سيمكنه من التفوق على الاقتصاد الأمريكي في عام 2040م. وبما أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القوية التي لها القوة الاقتصادية والعسكرية التي تمكنها من لعب الدور الرئيس إقليمياً في منطقة جنوب آسيا، فقد وضع هذا الصين في خيارات وفرص جديدة، وتحالفات واتفاقيات تجارية واقتصادية، من أجل ضبط تلك القوة والهيمنة الأمريكية خاصة بعد أحداث (11) سبتمبر. وهذه التداعيات جعلت أولوية اهتمام السياسة الخارجية الصينية تتجه إلى منطقة جنوب آسيا.

Exit mobile version