Site icon شوتايم نيوز

موت أربعة أطفال .. في سبيل الحصول على قوت

مسرح الجريمة

 

 

 

موت أربعة أطفال .. في سبيل الحصول على قوت

بقلم: محمد صالح البشر تريكو

الأطفال من الجنسين ، في الحياة الطبيعية المستقرة مبلغ حلمهم الحصول على اللُعب ، بينما صرفت حياة النزوح في مخيم كلمة للنازحين شرق مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور الطفلات مريم محمد يعقوب 16عاماً ، مناهل خميس اسماعيل 13عاماً ، نسيبة اسماعيل أبكر والطفل حب الدين يعقوب جمعة عن اللعب ليتجاوزوا جميعاً مرحلة الطفولة الي مرحلة المسؤولية التي تُحتٌم على أي شخص في تلك المنطقة البحث عن عمل يقتات منه .

خرجت الطفلات الثلاث المذكورات ورابعهن طفل يوم الاثنين الماضي الي مكان صناعة الطوب وهي المهنة المتاحة لسكان المخيم على مرأى من الخيام وأثناء عمليات الحفر انهارت عليهم التربة ما أدى الي وفاتهم تحت الانقاض .

كأن مخالب الموت بمثابة راحة للطفلة مناهل خميس 13عاماً التي عانت منذ عامها الثاني من قساوة الحياة ، كانت تسكن مع عائلتها في القرية – دوقي- التابعة لمحلية مرشنق بجنوب دارفور – لاحقاً – تم تغيير اسم قريتها الي أم القرى ، لتصبح عاصمة لأسرة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” ضمن مئات القرى التي أجبرت الحرب أهلها الأصليين الي الهرب منها تحت متفجرات الطيران الحكومي في بداية الحرب بدارفور في العام 2003م .

حينها كانت مناهل في حضن أمها اثناء المعارك التي دفعت أمها مع أخريات الي قطع مسافة 50كليو متراً جرياً حتى وصلوا مقر المخيم الحالي .

في المدرسة أظهرت مناهل ذكاء أعجب اساتذتها حيث احرزت في آخر نتيجة في الامتحان التجريبي للمرحلة المتوسطة درجة جيد جداً ، تحلم بأن تكمل المرحلة المتوسطة بنتجة مشرفة ،لتحلق بالمرحلة الثانوية التي تفصل بينها وكلية الطب حسب أمنيتها .

الظروف الاقتصادية في مخيم النازحين .

يعيش النازحون في المخيمات بدارفور اوضاعاً انسانية قاسية ، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة من جراء التضخم الذي يعاني منه الاقتصاد السوداني .

يضم مخيم كلمة نحو 168 ألف نسمة ،نزوحوا اليه من ولايات شرق ، جنوب ، شمال ووسط دارفور يعيشون في ظروف اقتصادية قاسية وقال رئيس معسكرات النازحين واللاجئيين اسحق محمد عبدالله اسحق ان الحياة في المخيم تحولت الي جحيم ، اضطر الاطفال الي العمل لكسب سبل العيش ، الطفلات الثلاث والطفل الذين ماتوا تحت انفاض التراب ، انخرطوا في عمل صناعة الطوب لتوفير مصاريفهم المدرسية وشراء مستلزمات المدرسة من كتب وكراسات وأقلام بالاضافة الي الرسوم المدرسية .
وعزا اسحق تدهور الحياة المعيشية في المخيم الي عدة أسباب منها : توقف بعض المنظمات عن تقديم الدعم للنازحين الخدمات للنازحين بسبب ايقاف المانحين من دعمها ، وقلصت بعضها الذي تقدمه في مجال الصحة والتعليم ، الأمر الذي جعل الأطفال الي العمل .

عقبات أمام … العودة الي الديار .

جل النازحين ليس لديهم الرغبة في العودة الي مناطقهم التي نزحوا عند انطلاقة حرب دارفور بين الحكومة السودانية برئاسة الرئيس المخلوع عمر البشير وحركات مسلحة رفعت شعارات تنادي برفع التهميش عن أهلةدارفور ، استخدمت الحكومة والمعارضة المسلحة سلاح القبلية في اثارة النعرات ، سعت الحكومة في الخرطوم الي انفصال المجتمع في دارفور ، لتكسب المجموعات القبلية العربية بأن الحركات المسلحة ما قامت إلا من أجل تحرير دارفور منهم ، واستغلت الحركات المسلحة الصراعات القبلية بين قبائل دارفور ، بهدف ايجاد مساندة من القبائل غير العربية بمنطق ان العرب في دارفور امتداد طبيعي لعرب الخرطوم ، مع الاستقطاب والاستقطاب المضاد دارت رحى الحرب التي خلفت اكثر من 300ألف قتيل احصائية غير رسمية ، و2مليون ما نازح داخل السودانةولاجئي بدولة تشاد .

عن عودة النازحين يرى رئيسهم اسحق محمد عبدالله ان التواجد داخل سجون الذل والهوان في اشارة الي حياة المخيمات لم يكن يوماً خياراً لنا ، بقدر ما هو واقع مرير فرضته علينا ظروف الحرب اللعينة التي لا زالت مستعرة ،أجبرنا الي التواجد داخل المعسكرات لأكثر من 19سنة ، دون تغيير للأوضاع الماساوية في اقليم دارفور ، ظلت المخيمات تتعرض الي كل أنواع الجرائم والانتهاكات بداءً بحوادث معسكر في الأعوام 2008م ، 2010م و2017م ومجزرة معسكر كريندنق في 2020م .
كل هذه التلفتات الأمنية مجتمعة تجعل عودة النازحين الي قراهم غير ممكنة الآن ، لأن الاسبأب التي نزحتهم لا زالت قائمة ، كما هنالك أناس استقروا في قرى النازحين وتمتلكوا مزارعهم ،فيعمل هؤلاء كل ما في وسعهم لقفل طريق عودة النازحين بل يظن بعضهم بالأرض آلت ملكيتها إليهم وكانت حكومة عمر البشير تشجعهم على ذلك ،

وذكر أن ليلة – الخميس – قتل اثنان من النازحين في منطقة -ريل – شرق مدينة نيالا بواسطة مسلحين ونهبوا محصولهم ، مع حرق عربة كانت تقلهم .

اتفاقيات …. السلام .

يقول النازحون ان الاتفاقيات التي درجت الحكومات على توقيعها مع الحركات المسلحة لم تعالج قضية الأساسية وان معظم الاتفاقيات تنتج كراسي لقادة الحركة التي وقعت على السلام .
باتفاقية جوبا وقعت الحكومة السودانية ثلاث اتفاقيات منها ابوجا في العام والدوحة واخيراً جوبا .

وأتفق عدد من النازحين في إن اتفاقية جوبا حظها في النجاح كان كبيراً في ظل حكومة مدنية وأما بعد انقلاب قائد الجيش على السلطة المدنية فقد أصبح تنفيذها غير وارد وخاصة ان الحركات التي وقعت السلام على كثرتها لا تتجاوز طموحها قادتها الجلوس على كراسي السلطة ، لهذا لن يستطيع وزير المالية دكتور جبريل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة دخول معسكر كلمة للنازحين أو معسكري الحميدية والحصيحصا بمدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور ، لمناقشة قضايا النازحين داخل المعسكرات ، صحيح التقى رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي وحاكم الاقليم ببعض النازحين في وقت سابق في مدينة نيالا ولم يستطيع دخول المخيم بالرغم من قربه من المدينة .

Exit mobile version