جمال الدين حسين يكتب:رؤية متواضعة لحل مشكلة شرق السودان:
رئة السودان وثغره البسام مدينة بورتسودان درة شرق السودان الحبيب مدينة عالمية بكل ما تعني الكلمة،إلا أن اناسها يتدفق كرمهم سيلا من التحايا حتى انك لتظن أن مضيفك لن يصمت ،فإذا ركزت معه تجده قد مد اماد التحايا حتى يبحث بين عتاده القليل ما يكرمك به حتى وإن كانت الشويهة التي ترعى (العرار الغض والجثجاثا) خلف خيمته البسيطة من زهد وليس من بخل.
أناس بهذه الخصال أخذوا من جبالهم الشم الانفة وقوة الشكيمة ومن ابلهم البشارية ذاك الصبر والعطاء في آن ،أناس بهذه الصفات صبروا على الضيم كل سنوات ما بعد الاستقلال ليس من السهل لجمهم بالآلة العسكرية وهم أحفاد الفيزي ووزو ولا بالترغيب فما في ايديهم أكثر مما عند أهل البلاد جميعهم ،ولكن فقط يجب أن يتم الاستماع لهم بروية ودون تعال كما تفعل نخب المركز على مر العصور مع كل أنحاء السودان أو( الأقاليم ) كما يسمونها .
أن مشكلة شرق السودان ببساطة هي تعالي المركز عليهم في كل شئ منذ الاستقلال وحتى الآن، حتى ان أعلى رتبة عسكرية من ابناء شرق السودان حتى الان في القوات النظامية هو عقيد واحد وقد تم اعفاؤه قبل أشهر على ما أظن.
إن موانئ البحر الأحمر التي تستقبل كل خيرات العالم الى السودان وترسل كل خيرات البلاد إلى العالم ممنوع عليها أن تحظى ولو برسم واحد بالمئة لصالح التنمية بل يذهب كل الخير إلى المركز ليتم صرفه على دعم الكهرباء والوقود للعاصمة المثلثة (اس البلوى) ،كما أن كل البضائع التي تدخل إلى البلاد يتم شحنها مباشرة إلى العاصمة ومن ثم يضع كل سماسرة الأرض (حقهم) عليها ثم تعود إلى الشرق وقد تضاعف سعرها ثلاثة أضعاف، إن الحل الوحيد هو أن يتم الاستماع إلى قادة الشرق وحكماءه من أجل الوصول إلى حل يرضي مواطن الشرق من القضارف إلى تخوم الجارات ارتريا واثيوبيا وعودة إلى حلايب وبورتسودان إلى هيا،والمعروف أن حكماء الشرق إذا وجدوا البيئة الديموقراطية السليمة لحكموا السودان كله لا اقليما واحدا،إن تعنت المركز في فرض رؤيته الاحادية وفرض أشخاص بعينهم فيما يسمى بمسار الشرق هو الأمر الذي دق الاسفين اولا بين مكونات الاقليم ومن ثم بين الاقليم والمركز
إذن فحل منظومة مسار الشرق هي الأساس في حل المشكلة ومن ثم إقامة انتخابات حرة مباشرة لاختيار حاكم للاقليم هي الخطوة الثانية ومن بعدها إن شاءالله لن تسمعوا عن اقليم شرق السودان الا كل خير ولكن في ظل هذا التعنت انا لا أخشى من تصاعد الأمر إلى عصيان مدني فقط بل الانفصال بكل شروره.
إن مكونات الشرق التي نسميها تعاليا (ادروبات) هم ليسوا بعرق واحد ولا قبائل من إثنين واحدة بل هم كل اهل السودان وقد اسر لي أحد أبناء شمال السودان وهو مقيم بالشرق أنهم جميعا بكل مكوناتهم الاثنية على قلب رجل واحد إلا وهو الناظر (ترك) الرجل الذي حمل هم هذه الرقعة الجغرافية في قلبه وعقله ،واكاد أجزم أنه اذا استقر الأمر سياسيا وعادت الأمور إلى نصابها فلن يسمع احد باسم ترك مجددا فالرجل زاهد في المناصب ومن عرض الدنيا شأن كل الكبار الذين يقودون اهلهم إلى انتزاع حقوقهم لبسط العدالة وليس للبحث عن منصب أو مال والله اعلم.