اماط رئيس الوزراء أمس الأول اللثام عن عضوية الآلية الوطنية التي كونها لمبادرة الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال.
وفي حين جاءت العضوية لفيفاً متبايناً من الشخصيات السياسية والمجتمعية وعدداً من نظار القيادات الأهلية للعبور بالطريق إلى الأمام، يرى البعض أن الآلية عريضة ولن تستطيع إعادة اللحمة الوطنية إلى ما كانت عليه.
وبدوره يرى عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كمال كرار أن المبادرة لم تنفذ الى جوهر الأزمة، وانها لا تؤدي الغرض، فيما يؤكد على أن الآلية التي كونت للمبادرة تعني اضاعة الزمن وتسويف الوقت بحسب قوله.
وفي مقابل ذلك وصف عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير محمد الهادي المبادرة بالبادرة الطيبة، مؤكداً قدرتها على تجسير الهوة بين القوى السياسية حال توفرت الإرادة السياسية.. (الإنتباهة) أجرت مواجهة بين كمال كرار ومحمد الهادي حول مقدرة الآلية على امتلاك مفاتيح الأزمة والانتقال الآمن بالمرحلة إلى بر الأمان.. ونص المواجهة في السياق التالي:
@@@
عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كمال كرار لـ (الإنتباهة):
الآلية ولدت (ميتة) وتعني إضاعة الزمن
المبادرة لم تنفذ إلى جوهر الأزمة ولا تؤدي الغرض
المبادرة سوف تمضي في إطار الترضيات وهذا يعيد إنتاج الفشل
* بداية كيف تنظر إلى الآلية التي شكلها رئيس الوزراء لتنفيذ مبادرة الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال وطرحها في يوليو الماضي؟
ــ المبادرة لم تنفذ الى اسباب الازمة الحقيقية، وهناك الكثير من الملفات التي وردت في المبادرة، وهي في الأصل كانت مسؤولية رئيس الوزراء، وهو الذي من المفترض أن يقرر فيها لكنه لم يقرر، كما أن هناك اشياء بحكم الوثيقة الدستورية كان ينبغي ان يتم إنجازها لكن ذلك لم يحدث مثل المجلس التشريعي وغيره، وعليه كنا نحن داخل الحزب الشيوعي قد تقدمنا بهذا الطرح قبل مبادرة رئيس الوزراء وأطلقنا عليه مسمى (ميثاق الازمة واسترداد الثورة). وجوهر هذا الميثاق ان يقوم الجميع بمعالجة اسباب الفشل في الفترة الانتقالية، من ناحية عدم الالتزام بمواثيق الثورة والجهاز التنفيذي وتغول المكون العسكري على صلاحيات الحكومة المدنية. وهذا الميثاق طرحه الحزب على القوى المختلفة وجرى حوله النقاش، وقبل أيام اجتمعنا مع رئيس الوزراء في سياق المبادرة التي اعلنها والقضايا التي طرحها الحزب داخل الاجتماع.
* هل الطريق إلى تنفيذ المبادرة ممهد؟
ــ الطريق لتنفيذ المبادرة او تحقيق مطالب الثورة يمر عبر القوى السياسية التي قادت الثورة، وكان عليها الالتزام بالمواثيق التي وقعتها في اعلان الحرية والتغيير وبقية المواثيق بما فيها برنامج الحكومة والوثيقة الدستورية، ولكن لم يتم الالتزام بهذه الاشياء، وحدثت اشياء اخرى، وتصدعت قوى الحرية والتغيير واصبحت لا تعبر عن الناس، والحكومة اصبحت لا تعبر عن اهداف الثورة، ولذلك اذا اراد الجميع العودة الى الاصل عليهم معالجة هذه الأمور حتى يمضوا الى الامام، لكن المبادرات التي لا تنفذ الى جوهر الازمة ولا تؤدي الغرض.
* برأيك انها لم تنفذ الى جوهر الأزمة؟
ــ نعم.
* ولكنها مبادرة عريضة كما ذكر رئيس الوزراء لمعالجة الأزمة، حتى أنها تضم عدداً من قيادات الإدارات الأهلية والمجتمعية مثل ترك على سبيل المثال لحل الأزمة؟
ــ هذه الآلية من المفترض أن تكون حكومية، فكيف تأتي لها باشخاص من الخارج مثل الادارات الاهلية؟
* الإدارات الأهلية يمكن أن يكون لها دور في السلام المجتمعي؟
عندما تقوم بتكوين آلية فمن المفترض أن تكون في يدها سلطة لتنفيذ القرارات وقادرة على تنفيذها على ارض الواقع. والآلية معظم عضويتها وحتى رئيسها خارج الجهاز التنفيذي، ولم تقم بقانون وانما بقرار من رئيس مجلس الوزراء، وهذا يعني انك تريد ان تضع لك الآلية حلولاً حتى تناقش الاطراف الاخرى، ومن ثم عرضها على الجهاز التنفيذي(يا وافق عليها او عدل فيها)، وهذا يعني اضاعةً للزمن وتسويفاً للوقت، ويعني أن الآلية منذ الآن ولدت ميتة اياً كان الموجود فيها، والقصد منها اضاعة المزيد من الوقت، وفي النهاية ستكون نفس النتيجة.
* يعني لن تقود إلى توافق؟
ــ التوافق الوطني كان موجوداً وممثلاً في ميثاق الحرية والتغيير الذي تم التوقيع عليه في ديسمبر ٢٠١٩م الذي قامت عليه الثورة وحوى (١٢) بنداً منها السلام والاقتصاد والسياسة الخارجية، لكن جرى التنكر له والالتفاف عليه، وهو سبب الفشل (وهذا الكلام ما عايز ليه آلية).
* يريد ماذا إذن؟
ــ يريد أن يعود الجميع إلى الاتفاقيات التي اتفق عليها الجميع مع الشارع وتجمع المهنين. وكل الثورة قامت على برنامج وليس من فراغ، واذا أراد الناس استرداد الثورة وتحقيق اهدافها يجب ان يعودوا الى المنصة الاولى وهي ميثاق قوى الحرية والتغيير. ومشكلة العامين الماضيين تكمن في ان القرار في يد قلة من الناس لم تنظر إلى المتفق عليه، واتت ببرنامج من رأسها وبرنامج آخر مثل صندوق النقد الدولي واتفاقيات مع السعودية والامارات واجندة خارجية تم فرضها على السودان وتطبيع مع اسرائيل، وهو امر ما كان موجوداً في اجندة الشعب السوداني على الإطلاق، وبعد ذلك اختلط الحابل بالنابل، ولذلك اذا كانت المبادرة سوف تمضي في طريق لجان وآليات وفي اطار الترضيات فإن هذا يعيد انتاج الفشل.
* ما الحل برأيك؟
ــ أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها بالكامل وتنفذ برنامجها او تزاح من المشهد السياسي ويأتي بديل ثوري آخر قادر على تنفيذ اهداف الثورة والانتصار لدماء الشهداء.
==========
عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير محمد الهادي لـ (الإنتباهة):
سنعبر وننتصر إذا علت قيمة الوطن وخفضت الطموحات الشخصية
الخلافات داخل (الحرية والتغيير) تكاد تقعد بالفترة الانتقالية
ندعم المبادرة وسوف نجلس مع رئيس الوزراء وندعمه
@@
* آلية لمبادرة رئيس الوزراء بعضوية كبيرة شكلها رئيس الوزراء.. فهل تمتلك مفاتيح العبور؟
ــ هذه الازمة مرتبطة بشركاء ان لم يتعاونوا فإن الامور لن تمضي إلى الامام. وهناك شريك اموره معقدة لدرجة كبيرة جداً وخلافات ضاربة باطنابها، وهو الحرية والتغيير وعلى حد أدنى منها الجبهة الثورية التي بها خلافات لكن ليست كبيرة، لكن الأزمة السياسية الكبيرة تكمن في الحرية والتغيير التي تكاد تقعد بالفترة الانتقالية التي تحبو الآن بصورة سلحفائية، وهذا مرده الى أن الجميع غير متفق على برنامج، والآن هذه بادرة منه لتجسير الخلاف السياسي حتى ننتقل منه لبرنامج محدد.
* مبادرة طيبة إذن؟
ــ مبادرة طيبة جداً لانها تسعى لتجسير الخلاف السياسي، لاننا كما ذكرت لدينا ازمة سياسية كبيرة جداً ونقر بها وبالغة التعقيد.
* الى اي مدى يمكن لهذه الآلية أن تعبر بالمرحلة إلى بر الأمان وتجسر الخلاف؟
هذا الأمر متروك إلى مدى الوطنية (الحصة وطن) لدى السياسيين. والآن هذه الفترة الانتقالية ليس بها شخص منتخب وكل الناس شركاء فيها وجمعتهم الوثيقة الدستورية، فاذا خفضوا الحزبية والطموحات الشخصية وعلت قيمة الوطن فاننا سنعبر وسننتصر، لكن اذا ظلت الاجندة الحزبية عالية فإن الامر لن يستقيم، والآن ليس المجال للاجندة الحزبية.. الآن نحن نريد خلق الدولة لأن الدولة هشة، وأن نصل بها الى عتبة الدولة، ولذلك نحن نرحب بالمبادرة لكن لن تنجح ما لم تكن الارادة متوفرة.
* المبادرة تتكون آليتها من جسم كبير وهناك من يرى أنه عيب يمكن أن يعيقها؟
ــ الآلية هذه بمثابة برلمان، ويظل الجسم الكبير هذا كبيراً ما لم تعلُ الارادة السياسية، والآن نحن نخشى من اننا بدأنا مشوار فقد الثقة مع بعض.
* هل تعني فقد الثقة بين المكونات السياسية؟
ــ نعم، السياسية والمدنية والمهنية ولجان المقاومة، ونتنمى ألا نفقد الثقة وتعاد اللحمة.
* أنت ترى أن المبادرة يمكن أن تقود إلى توافق وطني حال علت القيمة الوطنية، لكن بالمقابل هناك من يرى ان التوافق الوطني الحقيقي كان في ميثاق الحرية والتغيير؟
ــ نعم التوافق كان في التوقيع على ميثاق الحرية والتغيير لكن الامور اختلفت.
* ما الفرق بين مبادرة رئيس الوزراء وميثاق الحرية والتغيير؟
ــ الفرق هو أن الاعلان مازال موجوداً لكنه لم يمض بنا الى الامام لاننا اختلفنا، فهناك مغاضبون ومجمدون، ولذلك نحن لا ندفن رؤوسنا في الرمال فالحرية والتغيير مختلفة.. مجلس مركزي يسيطر عليه الآن بعض الناس، فنحن كان يجب ألا نكون في مرحلة شقاق، وكان يجب ان نكون جميعنا في مرحلة وفاق لأن الحصة وطن، وقيادة البلاد الى مرحلة الأمان، فالقضايا كبيرة وشائكة. والآن لدينا قضايا لو بدأناها الآن لن نستطيع اكمالها حتى بعد الفترة الانتقالية، فلو مسكنا قضية الانتخابات نحن حتى الآن لم نجلس لها، فهل تم الاعداد لها؟ وهذه اكثر قضية شائكة، وأيضاً قضية العدالة والسلام الذي لم يكتمل. ونحن لم نبدأ بل تأخرنا بسبب هذه الازمة وفقد الثقة بين جميع المكونات وبعيدون جداً.
* المهمة دون شك كبيرة امام رئيس حزب الأمة برمة، فهل هو قادر على احداث توافق؟
ــ برمة رجل حكيم ولكن هناك اجسام خارج الآلية.
* مثل ماذا؟
ــ انا لم أكن أتوقع أن تأتي الآلية بهذا الشكل.
* كيف توقعتها؟
ــ كنت أتوقع أن يكون الجسم بسيطاً ونصلح من خلاله الحرية والتغيير والجبهة الثورية، ونتفاهم مع المكون العسكري الذي تجاوز خلافه، لكن الحرية والتغيير لم تتجاوز اختلافها بعد وكذا الجبهة الثورية، وعموماً المشهد معقد ونحن نفقد بلادنا، ولذلك نحن مع المبادرة وداعمون لها، وسوف نجلس مع رئيس الآلية ونقول له رأينا فيها وندعمه.
الانتباهة