في مساء الثالث والعشرين من يونيو 1983 احتلت مجموعة من المتمردين بجنوب السودان هضبة جبل بوما التي يبلغ ارتفاعها ستة آلاف قدم بمنطقة جنقولي وأسروا امريكيا يدعي هاسبل واسرته وثلاثة آخرين من كندا وهولندا وألمانيا كما سيطروا على قوات الصيد والشرطة الموجودة بأعداد قليلة في المنطقة وجردوهم من أسلحتهم ، ثم اعلنوا بعد ذلك عدة مطالب نظير فك الرهائن .
اللواء الصديق أحمد حسين البنا قائد فرقة القيادة الجنوبية كان قائداً ومخططاً مع عدد من ضباط القوات المسلحة هناك لعملية فك الرهائن تلك الملحمة الخالدة التي لم تلاق ما تستحقه من اهتمام عالمي بالنظر إلى عمليات مشابهة قامت بها عدد من الدول أقل منها درجة من حيث الخطورة ونجاعة التنفيذ احتفت بها وروجت لها بآلياتها الإعلامية القوية .
اللواء الراحل صديق البنا أرخ لهذه الملحمة التي كان هو بطلها الرئيس بجانب زملائه من ضباط وجنود القوات المسلحة عبر كتاب أسماه باسم العملية التي أطلق عليها (الصقر الجارح) حيث تناولها بدقة متناهية بكل تفاصيلها ساعة بساعة من لحظة التخطيط وانتهاء بنجاح العملية بأسلوب سلس.
وفد السفارة يلتقي القائد
في صباح 4/7/ 1983 وصل إلى مطار جوبا اثنين من كبار موظفي السفارة الأمريكية بالخرطوم وهما القنصل ونائبه كما حضر العقيد أمن الفاتح عروة برفقة أمريكي يدعى جاك يعمل بوكالة المخابرات الأمريكية برتبة عقيد ويعمل ضابط اتصال بجهاز أمن الدولة السوداني كمستشار حيث توجهوا إلى رئاسة الفرقة الأولى والتقوا بقائد الفرقة اللواء الصديق البنا للتحدث معهم وطمأنتهم بأن الرهائن مازالوا بصحة جيدة ولم يتعرضوا لسوء وقد تحدث جون هاسبل والقس جشا ديو والسفير فيلب أوبانق حاكم أعالي النيل اللذين يقودان المفاوضات نيابة عن الحكومة بغرض التوصل لاتفاق لإطلاق سراح الرهائن.
ويقول المؤلف اللواء البنا إنه قرر منذ الوهلة الأولى أن يحجب كل ما يتعلق بالنسبة لعملية الاقتحام الرأسي ويركز في حديثه مع الزائرين على خيار المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن باعتباره السبيل الوحيد وفي حالة فشلها سيتم التخطيط لعملية عسكرية ويضيف قائلاً ( عندما دخل الأمريكان على مكتب قائد الفرقة طلب من العقيد الفاتح عروة أن يأتي الأمريكان غداً الساعة الثامنة صباحاً لتنويرهم عن سير المفاوضات واحتمالات نجاحها أو فشلها ، ثم شرح الخطة العسكرية (البديل الثاني) التي سيتم تنفيذها كخيار بديل في حال فشل المفاوضات .
وفي صباح الثلاثاء الساعة الثامنة الموافق 5/7 وصل إلى مكتب القائد العقيد أمن هاشمم أبا سعيد والعقيد أمن الفاتح عروة برفقتهما مندوبي السفارة الأمريكية (القنصل ونائبه) والعقيد أمن جاك الذي يعمل بجهاز أمن الدولة كمستشار والرائد روبرت من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ويعمل مع القوات الخاصة بالقوات المسلحة السودانية كمدرب ومستشار آنذاك وذلك بغرض تنويرهم على الموقف الحالي للرهائن والخيارات المطروحة لإطلاق سراحهم وتحدث في اللقاء قائد الفرقة وأشار إلى خيارات الحل المتمثلة في التفاوض السلمي كخيار أول بينما سيكون الخيار العسكري هو الثاني وفق الخطة التي أرسلها رئيس هيئة العلميات بالخرطوم ثم تحدث قائد استخبارات الفرقة ركن عن تسلسل الأحداث منذ احتلال الخوارج لجبل بوما صبيحة 23/6 وحتى اليوم 5/7 بما فيها المعلومات التي وصلتهم من السفارة الأمريكية ثم أعقبه العقيد ركن عز الدين هريدي رئيس شعبة العمليات متحدثاً عن الخطة البديلة مستعيناً بالكروكي والخرائط والصور الجوية وقد انحصر حديثه عن الخطة المفروضة من القيادة العامة ، ويضيف المؤلف انه بعد انتهاء التنوير تساءل العقيد الأمريكي جاك عن دور الطائرات المروحية التي بدأت تصل إلى جوبا فأجابه القائد بأنها ستعمل على نقل القوات إلى الجبل للهجوم الضاري على الهضبة لإطلاق سراح الرهائن كما انها بعد نجاح العملية إن شاء الله سوف تلاحق الخوارج لتدميرهم وقتلهم والاستيلاء على أسلحتهم ، عندها جلس العقيد أمن جاك وهو في حالة اندهاش واستغراب ولكنه لم يعلق بشيء سوى النظر نحو العقيد الفاتح عروة وتبادلا الابتسامات التي تدل على عدم اقتناعه بما قيل في شأن الحل العسكري .
وبعد نهاية التنوير شكرهم قائد الفرقة وأكد لهم ان القيادة في جوبا لن تألوا جهداً لعمل كل شيء لاطلاق سراح الرهائن وانها سوف تكون على اتصال معهم عن طريق العقيد الفاتح عروة والعقيد هاشم للتشاور والتفاكر في امر الرهائن وطلب قائد الفرقة من القنصل مدهم بتقرير مفصل عن حالة الطقس خلال الفترة من 6/7 إلى 20 /7 حتى تتمكن من أن تختار اليوم المناسب للعملية العسكرية إذا ما تقرر أن تكون الحل الوحيد ووافق القنصل وبالفعل في اليوم التالي سلم للقيادة ما طلب منه ولحسن الحظ أن يوم(ي) يوم العملية الموافق 27 رمضان 1403 الموافق 8/7 1983 والذي سبق وتم تحديده تيمناً بليلة القدر التي أنزل فيها القرآن كان أفضل الأيام لخلوه من الضباب الكثيف وكان الغرض من طلب قائد الفرقة كما يقول المؤلف هو تأكيد للسرية وحتى لا يعلم الأمريكان تاريخ تنفيذ العملية العسكرية الاقتحام الرأسي .
وفي المساء التقى قائد الفرقة كلا من العقيد أمن الفاتح عروة والعقيد هاشم أمن حيث أكد لهما أن الخطة العسكرية التي سوف تنفذ يوم (ي) الموافق 8/7 هي الاقتحام الرأسي وأخطرهما ان المطلوب هو زيادة فترة المهلة التي تطلبت من الخوارج الخاطفين إلي يوم 8/7 أي يوم تنفيذ العملية كما طلب منهما أن يكون هذا الأمر سرياً للغاية بالنسبة للأمريكان واللواء عمر محمد الطيب رئيس جهاز الأمن والفريق اول سور الذهب .
لقاء قائد الفرقة بقائد القوات الخاصة ونائبه
وبعد مغادرة الأمريكان مكتب قائد الفرقة استدعى قائد القوات الخاصة المقدم
الركن عبد الماجد محجوب ونائبه المقدم خالد فرح للتنوير حول الخطة
العسكرية ولم يدع الرائد الأمريكي روبرت للتنوير ، ثم سألهما قائد الفرقة
عن مدى استعدادهما للمشاركة في العملية فقالا إنهما لا يعلمان تفاصيل الخطة
وإنهما ارسلا للمشاركة في إعدادها بمساعدة الرائد روبرت الخبير الأمريكي
وإن كل مافعلته القيادة العامة ان سلمتهما الصورة الجوية التي توضح منطقة
جبل بوما ليتم التخطيط على ضوئها باعتبارها التقطت حديثاً بواسطة الأقمار
الصناعية وبعدها قام قائد الفرقة بشرح خطة الاقتحام الرأسي على هضبة
جبل بوما حيث يحتجز الرهائن في منزل جون هاسبيل (أحد الرهائن).
وستنفذ العملية على ثلاث مراحل وسوف تكون مجموعة مكافحة الإرهاب
تنفيذ المرحلة الأولى والتي ستكون بحسب القائد هي الأكثر خطورة وقال لهما
إن قيادة هذه المجموعة ستكون تحت قيادتكما وسوف تحمل على الطائرات
المروحية من ونقطة الوثوب على نهر كارون والتي تبعد حوالي خمسين
كيلومتراً من جبل بوما ليتم انقضاضكم على الهدف بعد ضرب الهضبة بالصواريخ والرشاشات من الطائرات المقاتلة (بو) 105 وطائرات البل أوجستا المسلحة ومن ثم تقفذون من الطائرة من ارتفاع مناسب لتنقضوا على الهدف حيث يحتجز الرهائن وحسب التخطيط ستنفذ هذه العملية في زمن قياسي لا يتجاوز عشر إلى خسم عشرة دقيقة ، ويضيف قائلاً ( إن منزل هاسبل يتكون من طابقين وقد تم اختياره كهدف رقم واحد وسيتم اقتحامكم له كأسبقية أولى وهذه هي مهمتكم التي خصصناها لكم كقوات خاصة ذات تدريب عال وعلى قدر كبير من الكفاءة القتالية العالية)، وبعد فترة صمت لتوجيه الأسئلة استفسرهم القائد عما إذا كانوا ملمين بخطة القيادة العامة التي ارسلها رئيس هيئة العمليات أجابا إنهما يعلمانها ويعلمان الدور الذي خصص لهما فيها واعترف الضابطان ( عبد الماجد وخالد ) أنهما لايستطيعان أن ينفذا أي من الخطتين لأسباب عدة وعلى رأسها أن الرهائن داخل منزل على ارتفاع عال وهو (6000) قدم مما يعرض القوات المهاجمة للنيران الكثيفة المصوبة منها والمسلحة وان القوات الخاصة تستطيع أن تنفذ عمليات ناجحة إذا كان الرهائن محتجزين داخل طائرة أو مبان محدودة أما أن تتتسلق هذا الارتفاع الشاهق بالأرجل او الطائرات فهذا غير ممكن وفيه خطورة على جنودنا ، وقبل أن يأذن لها القائد بالانصراف طلب منهما أن تبقى قواتهما بجوبا ولا داعي لمغادرتها إلى كبويتا حفاظاً على معنويات الضباط والجنود كما طلب منهما ان تكون هذه المقابلة وما دار فيها في غاية السرية خصوصاً العملية العسكرية التي سيتم تفيذها ، بعدها انصرف الضابطان وقالا إنهما سيرفعان تقريراً مفصلاً ودقيقاً عن طريق قياداتهما لمدير العمليات الحربية عن الأسباب التي لم تمكنهما في العملية العسكرية لإنقاذ الرهائن بأي الخطتين ، وبعد لحظات من خروجهما دخل لمكتب قائد الفرقة أحد ضباط القوات الخاصة برتبة رائد ويدعى أبوبكر الصديق الطيب وطلب السماح له بالاشتراك في عملية إنقاذ الرهائن حتى لا يفوته هذا الشرف العظيم ولكي يكتسب خبرة في مثل هذه العمليات التي لا تتكرر كثيراً وإزاء حماس الضابط وتصميمه وافق قائد الفرقة ووجه أن يغادر إلى كبويتا ضمن سرية المظلات التي سوف تغادر من جوبا على متن الطائرة العسكرية البفلو .
قبل التحرك لكبويتا
في صباح 7/7 أرسل قائد مجموعة التدخل رسالة أوضح فيها اكتمال مرحلة
الحشد في الوقت المحدد وان الإعداد المكثف قد بدأ وكان تنفيذ العمل يحتاج
إلى جهد كثير ومتشعب حيث أن آخر مهملة من الخوارج (الخاطفين) لتلبية
طلباتهم لم يبق منها سوى يومين وهو كل الوقت المتاح لإكمال عمليات التدريب لإنفاذ العملية.
القيادة تأمر بعودة القائد للخرطوم
وفي ذات اليوم 7/7 تسلم قائد الفرقة إشارة عاجلة تأمره بإلغاء العملية والعودة للخرطوم وبدلاً من تسليمها لرئيس الشعبة العمليات لوضعها في الملف وضعها داخل جيبه مخطراً الحاضرين بانهم لم يستلموا الإشارة ولم يرد القائد عليها عند تسلمه ثم أمر عامل الإشارة ليسلمه الدفتر للتوقيع باستلام الرسالة.
الوصول إلى كبويتا
وصل قائد الفرقة منطقة كبويتا وطوال الرحلة كان يفكر كما ذكر في الكتاب
عما إذا كان الطيارون سيوافقون على الاشتراك في العملية وإذا رفضوا
لايستطيع إجبارهم سيما فهم لابد ان يكونوا علموا برفض القيادة لعملية
الاقتحام الرأسي بواسطة الطائرات ، وكانت الاستعدادات قد اكتملت وتم
اقناع الخوارج بمهلة حتى يوم 8/7 بواسطة جوشا دوال وفيلب أوبانق
ويقول المؤلف إنه بمجرد وصوله عقد اجتماعاً مع الضباط الطيارين ليقف
على مشاركتهم في العملية وعرض عليهم الأمر تاركاً لهم الخيار وقال لهم
قرروا بأنفسكم وإذا وافقتم اخطورني ولم يتم اجتماعهم سوى ربع ساعة وأبلغوه بعدها بالموافقة وبحماس شديد كما وافق قائد السرب العقيد عبد الوهاب نواي على المشاركة وقيادة السرب متحملاً التبعات .
أوامر العملية
في الساعة الثانية عشرة ظهراً يوم (ي1) وعلى نموذج الرمل الذي تم اعداده
وتحضيره في كبويتا في مقر القيادة المتقدمة بدأ المقدم ركن عصام الدين
ميرغني يعاونه القائد الثاني المقدم ركن السر أحمد سعيد في صرف أوامرالعمليات الحربية لعملية (الصقر الجارح) وجلس قائد الفرقة بجانب مجسم الرمل وعلى شماله القادة الميدانين المناط بهم تنفيذ الخطة وبدأوا في مناقشة حيثيات التنفيذ
انطلاق العملية في الساعة السابعة والنصف تماما أعلن قائد قوات العملية عصام الدين ميرغني ان قواته قد انطلقت وفي طريقها نحو جبل بوما للانقضاض على الخوارج وارسل لهم قائد الفرقة رسالة متمنياً لهم التوفيق والنصر وبعدها
سمح القائد من عامل كسر الصمت المفروض على اللاسلكي لإرسال رسالة
الرسالة من جوبا التي أكدوا على اهميتها وقرأ العقيد الركن عز الدين هريدي رئيس شعبة العمليات الرسالة والتي وردت من الفريق سوار الذهب تأمر بإلغاء العملية وحضور قائد الفرقة فوراً للخرطوم وسترسل له طائرة لإحضاره ورد قائد الفرقة اللواء الصديق البنا بإشارة قال فيها ( لقد تم استلام رسالتكم صباح اليوم الجمعة الساعة السابعة والاربعين وبعد كسر من القائد متحرك، لقد انطلقت الطائرات نحو الهدف في تمام الساعة السابعة والنصف وليس بالامكان إرجاع القوات التي هي الآن على وشك الاشتباك والاقتحام على الهضبة ، أرجو ان تدعو لنا في هذا اليوم المبارك بالنصر المؤزر عاش السودان وقواته المسلحة الباسلة ) وبعد ساعة بالضبط أي حوالي الساعة
التاسعة وخمس دقائق تسلم قائد الفرقة اول اشارة من قائد العملية أعلن فيها الانتهاء من المرحلة الأولى من العملية بنجاح رغم محاولة الخوارج المقاومة وإن طائرات البو (105) أبلت بلاء حسناً وان الضباط والجنود اظهروا شجاعة فائقة وانهم كما طلب ارسال الاحتياطي الموجود في كبويتا على متن طائرة البفلو لتكملة نظافة الجبل ومتابعة الخوارج الهاربين ، ولقد
استجيب طلبه بالسرعة المطلوبة.
نجاح العملية
ما ان أعلن العقيد إبراهيم إيدام نجاح العملية للضباط والجنود الذين ظلوا مرابطين منذ الصباح الباكر لمعرفة الأنباء عن العملية ، وما أن أعلن نبأ
النجاح حتى تعالت الزغاريد من النسوة والتهليل والتكبير من الجنود والضباط ،
حيث تم تحرير كل الرهائن الخمسة دون خسائر واستغرقت العملية خمس وثلاثين دقيقة فقط مسطرة حدثاً ملحمياً نادرأً في مثل تلك العمليات العسكرية النوعية في العالم .
وبينما كان الضباط والجنود يهللون سلم عامل الإشارة قائد الفرقة باستشهاد
أحد جنودنا البواسل البطل العريف أحمد خليل من قوة السرية الثالثة الكتيبة
(114) التابعة لسلاح المظلات ويقول المؤلف توجهوا للمكتب في انتظار
الجثمان الطاهر ليوارى إلى مثواه الأخير ، وتم تشييعه بطريقة عسكرية شهدها عدد كبير من سكان المنطقة .
ردود فعل خارجية
تناولت كل الوكالات العالمية نبأ نجاح العملية وأرسل الرئيس الأمريكي
رولاند ريجان برقية تهنئة للرئيس جعفر نميري واعتبر الحدث مفخرة لكل
السودانيين وصفعة لعملاء الفوضى والعنف، كما وجه رئيس وزراء كندا
بيتر ترودو رسالة تهنئة ممثالة لرئيس نميري.
نميرى يلتقي البنا
يقول المؤلف الصديق البنا بعد انتهاء العملية والعودة للخرطوم وعودة نميري
الذي كان خارج البلاد استدعاه الرئيس نميري وهنأه بنجاح العملية رغم
مخالفته لتعليمات القيادة ولكنه اثنى عليه وقال له إنه كان ينوي قيادة العملية بنفسه وأمر بمنح اللواء البنا وسام ابن السودان البار كما منح وسام الشجاعة ونوط الواجب ونوط الشجاعة لكل الضباط وضباط الصف والجنود الذين شاركوا في العملية.
قائد السرب يتحدث
كنت قد أجريت حواراً قصيرا منذ عامين مع قائد السرب عقيد عبد الوهاب نواي لكنه لم ير النور ، تحدث فيه عن العملية وقال إن الخوارج عندما سمعوا قذف الطائرات سارعوا بالاختباء في فتحات الجبل وبدأت المقاومة ثم جاء مدد بعدد 32 جنديا بقيادة المقدم عصام الدين ميرغني لتنظيف المنطقة من جيوب الخوارج وأشار إلى ان تحرير الرهائن ما كان يتم إلا بتدخل الطائرات العمودية المقاتلة واشاد العقيد نواي بقيادة الفرقة اللواء صديق البنا وقال إن قراره الشجاع في تحمل المسؤولية هو الذي قاد إلى تنفيذها بنجاح.
وأشار الى أنه كان أميناً في رصد وقائع الملحمة في كتابه الصقر الجارح ،
مشيراً إلى أن الكتاب الذي اصدره المقدم عصام الدين ميرغني الذي كان
مسؤولاً عن تأمين العملية لم يكن دقيقاً بدليل أنه ذكر ان العميد مصطفى محمود قائدا لمنطقة جوبا وان اللواء صديق البنا كان في الخرطوم.
بينما الصحيح أنه كان موجوداً في كبويتا للإشراف على العملية مؤكدأً أن الطائرات قامت بدور فاعل في عمليات القذف الأول والثاني مشيراً إلى أن شهود العمليات مازال بعضهم أحياء وسيكونون حكماً على الوقائع المذكورة .
وقال إن اسماء من قاموا بتنفيذ العملية موجودة في البنتاجون الأمريكي وانها تعتبر من انجح العمليات في إفريقيا وآسيا حيث نفذت بنجاح وحررت الرهائن الأجانب دون خسائر في صفوفهم كما ان منفذي العملية لم يفقدوا سوى جندي واحد استشهد في المعركة.
دروس مستفادة
لعل أهم الدروس المستفادة من هذه العملية النوعية الناجحة هو أهمية الإصرار على تحقيق الهدف بعد التخيط الهادئ وإعداد العدة المناسبة ،والتوكل على الله في التنفيذ ، كما أكدت العملية ان الجندي السوداني يتميز بالكفاءة القتالية والشجاعة المتناهية وان القوات السلحة كانت ولازالت تتمتع بكوادر كفؤة تستطيع أن تنفذ كل العمليات بكفاءة ودون الاستعانة بقوة خارجية حيث لم يتم استشارة أو حتى أو الاستئناس بالخبراء الأمريكان في
تخطيط العملية أو تنفيذها ، والحدث أكد ان القوات المسلحة نفذت هذه العملية
في داخل اسوارها ولم تستفد من أي جهة موازية أو صديقة إلا في جمع
المعلومات اللازمة لإنفاذ العملية وهكذا هو ديدنها وينبغي أن يكون كذلك .
الانتباهة