قلناها من قبل وسنقولها الآن بملء الفم أن ماتم إنجازة حتى الآن على الأصعدة الخارجية والداخلية هو مجهود «فردي» قام به الدكتور عبد الله حمدوك وحده دون قوى الحرية والتغيير، ودون مجلس السيادة بشقيه العسكري والمدني ، بل نزيد بأن هذين الطرفين الشريكين ظلا معوِّق أساسي يعرقل حركة حموك ويضع المتاريس أمامه على نحو يمنعه من الإنطلاقة والعبور… الحاضنة السياسية للحكومة لم تقدم لحمدوك كوادر مؤهلة ولم تفلح حتى في اختيار كفاءات من «التكنوقراط» أو من الأحزاب بل أمعنت في إضاعة الوقت بالصراع والخلافات فيما بينها والكيد لبعضها والإسراف في «فش» الغبائن والمرارات السياسية والإنتقام، وحتى «فش» الغبينة نفسه والإنتقام لم تتقنه بشيء من الدهاء والمكر السياسي فبدا في كثير من الأحوال اشبه بعمل العصابات و»البلطجة» خارج القانون كما تفعل الأنظمة الشمولية القمعية تماماً وبطريقة مكشوفة ،بعيداً عن أسس العدالة، فكان ذلك العمل البربري صفعة قوية لأحد أهم شعارات الثورة «العدالة»…الحاضنة السياسية أيضاً انحرفت نحو التربص بالحريات الصحافية والإعلامية، فكان التضييق على بعض الصحف وإغلاق مواقعها الإلكترونية وكثير من المواقع الإخبارية الأخرى بحجج لاتشبه إلا منطق الدكتاتورية والأنظمة القمعية المستبدة، هذا فضلاً عن اعتقال وحبس بعض الصحافيين وإذلالهم فكان ذلك العمل القمعي صفعة للضلع الأول من شعارات الثورة «الحرية»… أما الضلع الثااني من شعارات الثورة «السلام» اسألوا عنه العاصمة الخرطوم قبل أطراف البلاد المشتعلة المجازر وروائح الموت المنتشرة في كل مكان…
(2)
ومن المتاريس التي أعاقت حمدوك ووضعت العراقيل في طريقه، الصراع والخلافات بين الشقين المدني والعسكري، وكذلك الخلافات المكتومة داخل المكون العسكري الذي يسعى للهيمنة وبسط سيطرته على مقاليد الأمور والجنوح إلى فرض الرؤية الأحادية… قادة وكوادر أحزاب الحاضنة السياسية قدمت حتى الآن نموذجاً سيئاً للحكم والإدارة والاستبداد والهرجلة والصراع حول مغانم السلطة، والبعد عن أهداف الثورة وأدبياتها وشعاراتها وتجاهل وتغافل الاستحقاقات الضرورية وهيكلة نفسها سعياً وراء إطالة أمد الفترة الانتقالية بتغييب المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية ومجلس القضاء العالي ومفوضية مكافحة الفساد.. وكما قلنا من قبل أن بعضها يتنازع لتكبير «كومه» في عضوية المجلس التشريعي، وبعضها مازال غارقاً في مستنقعات المحاصصات، وبعضها يسعى وراء انتقاماته ومواجده الشخصية، فقد كانت الحاضنة السياسية عبئاً ثقيلاً على حكومة الثورة.
(3)
في رأيي أن قوى الحرية والتغيير قد استنفدت كل الفرص والتبريرات والحجج الفارغة ولم تعد هناك مساحة للأعذار وتقديم التبريرات ، وليس أمامها إلا أن تقف وقفة صادقة مع حمدوك بدلاً عن وضع العراقيل أمام الرجل ، وتقدم أفضل ماعندها من كوادر بعيدا عن المجاملات والشلليات، وتستعين بالخبراء خارج الدوائر الحزبية ، فقد نفد صبر المواطن تماماً وهو يدرك الفرق الشاسع بين الصبر على المعالجات الناجعة وإن كانت قاسية وموجعة ، وبين الصبر على الفاشلين ، الشعب السوداني يمتلك القدرة على تحمل الضنك وشظف العيش إن كان هناك بصيص أمل ولكنه لن يصبر على تقسيم الفرص بين الفاشلين وتبادل المواقع والأدوار بينهم … اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الانتباهة