شوتايم نيوز

فضل الله احمد عبد الله يكتب…..سيف الدين حسن : النموذج الأعلى لامتلاك المخرج التلفزيوني أدوات الفن الباهر …

 

 

 

 

سيف الدين حسن : النموذج الأعلى لامتلاك المخرج التلفزيوني أدوات الفن الباهر …FB IMG 1623817717485
________________________

الدكتور فضل الله أحمد عبدالله

هو أحد أعظم المشتغلين بالإنتاج الذهني المتمثل في فن الإخراج التلفزيوني ، متفردا بالأفلام الوثائقية ..

إبداعه له طعم خاص لا يشبه أحدا ، وأنك حين تشاهد عملا من أعماله ، تحس أنك أمام مخرج مبدع آخاذ ، تخرج الصورة من شاشة التلفزيون إلى قلبك مباشرة .

المخرج سيف الدين حسن إحد علامات الإبداع الثقافي السوداني الحديث الشاهقة ، ورمز من رموز الإبداع التلفزيوني لا في السودان فحسب ، بل في فضاءات الثقافة الإفريقية والعربية ،

ومن آيات ذالك الكثرة الغالبة من الجوائز التي حصدها في مهرجانات الفضائيات العربية والإفريقية ،

فما من مسابقة دولية دخل فيها إلا ونال الجائزة الكبرى .. وطالت قامته كل المخرجين العرب والأفارقة الذين وقفوا أمامه في مسابقات الإنجاز التلفزيوني على امتداد أوطاننا في إفريقيا وعالمنا العربي .

وما يميز أعماله أنه غني للسودان وتغنى به ففي كل عمل من أعماله ، رائحة الأرض – صحراء وغابة – تملأ أنفك ، يكشف عنها بشكل خاص ، أمزجة الناس وثقافاتهم بتعدد روافدها ومكوناتها المتباينة ، والأمكنة بكل تفاصيل تضاريسها ومناخاتها .

فهو يقدم السودان وثقافته الإفريقية العربية بنظرة متوازنة قل نظيرها بين أنداده ، تفصح عن عمق التصالح الداخلي واتساع الرؤية لديه .

وهنا تأتي الإنعطافة المركزية في رؤية سيف الدين حسن للشخصية السودانية والتي يماثل فيها رؤية الكاتب الأديب جمال محمد أحمد صاحب النظرة المتسامحة المتصالحة التي تنهض على الإنفتاح والإستيعاب لا على النفي والإقصاء والإبعاد وذلك وفقا لتعبير الناقد ” عبدالمنعم عجب الفيا ” مشيرا إلى سؤال الصحفي المصري ” مفيد فوزي ” قائلا :

* ماهو أسخف سؤال مر بك ؟
فأجابه جمال محمد أحمد بقوله :

” هذا السؤال السمج هل السودان عربي أم أفريقي ؟ وكنت أقول لعل عبقرية السودان تكمن في محتوى السؤال ،
وسخف السؤال يكمن عندي ، في أن سائله يذهل عن عبقرية كينونة المكان وخصوصيته ويستبطن سؤاله الإجابة بأحد الخيارين : إما هذا ، وإما ذاك ! النظرة العوراء عينها التي عناها مصطفى سعيد ، بطل موسم الهجرة إلى الشمال مخاطبا أصحابها : إلى الذي ينظرون بعين واحدة ، فيرون الأشياء ، إما سوداء ، وإما بيضاء ” .

تلك الرؤية المتوازنة لواقع الثقافة السودانية عند جمال محمد أحمد ، هي عينها ، رؤية المخرج الفنان سيف الدين حسن وذلك ما جعله وفي كل أعماله الفنية التلفزيونية أن يستصحب المعطى الثقافي في الكل المركب بتعيناته المتشابكة .

وسيف الدين حسن ، جدير بأن نوقد الحروف إحتفالا به ، وأكثر ، وبهذا الدرج العالي الذي تسنمه بحق وجدارة .

ألمس وأشهد له طوال زمالتي ورفقتي له أنه مخرج صاحب ملكة إبداعية متكاملة ، يعنى بالقيمة الفنية والقيمة الموضوعية في آن ،

رأيت في كل منجز فني له ، فيض زاخر من الأفكار والأطروحات المبتكرة المتجددة ، ويطربك بصور مشهدياته في الوقت ذاته بشاعرية الصورة ولطافتها التي تتسم بالقدرة الباهرة في تكويناتها البصرية الموحية وكأنها نسيج شعري شجي مرهف ، مكتسيا بوهج الفن الصادق الآخاذ .

وبذلك يمكن القول أن سيف الدين حسن في نسج أعماله تلك إنما يعبر عن فكر عن فيض وافر من التجارب ، إستودعها في ذاكرته وتأملها واستكشف دلالاتها وفجرها بمخياله الباهر عملا جديدا مبدعا فيه قسمات أوجه أهل السودان ومياسمهم ناقلا للناس واقعهم ، لا بآلة التصوير المقفلة الصماء ، إنما يمتح فيها إحساسه الأرحب والأعمق وفكره ومشاعره .

إن الناقد المتأمل لوثائقيات سيف الدين حسن وأفلامه التسجيلة ، لا مراء سيقرأ هذا الثراء الفكري والفني المؤسس على أصالة الفكر ، وثراء التجربة في شتى حقول النشاط الإنساني السوداني ، واستقراءه وتحليله واستجلاء واستنباط دقائق حياة الإنسان السوداني بمخيال رحب واستبصار محب بتكوين بصري شاعري مؤثر مائز بكل عناصر الإدهاش والتشويق في جزالة موحية باهرة مطربة للوجدان .

ويقرأ الناقد أن سيف الدين حسن من أميز المخرجين الذين يبالغون في العناية بالصورة وعبقرية لغتها ، وحسن توظيفها ، واستدرار دلالات معانيها ، بديلا عن اللغة الملفوظة مستغنيا عنها في اغلب مساحات المنجز الفني ،
وذلك لقدرته الفائقة في إنتقاء الصور بما يجعلها متسقة مع بعضها البعض ، فيجعل لها جرسا ونغما ، تغني عن أي حاجة للكلمة الملفوظة ومحفوظاتها المألوفة والسائدة .

Exit mobile version